وکاله آریا للأنباء - أکثر من 21 ألف أرمله فقدن المعیل فی ظل انعدام السکن ونقص الطعام وغیاب الرعایه الصحیه نتیجه العدوان (الجزیره)
غزه- فجأه ودون سابق إنذار توقف الدعم المالی الذی کانت تتلقاه الفتاه أسماء أحمد، من غزه ، والمتمثّل بکفاله شهریه ثابته من إحدى الجمعیات العربیه کانت تصلها خلال عامی الحرب، وساعدتها فی تغطیه العلاج والأدویه واحتیاجاتها الیومیه.
ومع إعلان اتفاق وقف إطلاق النار ، توقّفت المساعده لأسماء حیث أعاقتها الحرب، وقالت للجزیره نت، "کأنهم اعتقدوا أن حاجتی انتهت بتوقف الحرب، لکن حیاتی لم تتغیر، ولا أزال أخضع للعلاج ولا أملک مصدر دخل"، وتضیف "لم یحزنی توقف الکفاله بقدر ما آلمنی الشعور أن العالم تخلّى عنی عندما لم یعد یرى الدمار على الشاشات".
اقرأ أیضا
list of 2 items list 1 of 2 قطر الخیریه تقدم دعما عاجلا للمتضررین من الفیضانات فی بنغلادیش list 2 of 2 أردوغان: نبذل جهودا لإیصال المساعدات إلى غزه end of list وتعیش أسماء قلقا وخوفا من المستقبل، على أمل أن یعید الداعمون النظر فی قراراتهم، لأن الهدنه بالنسبه لها وللآلاف مثلها لیست نهایه للمعاناه، بل بدایه فصول جدیده منها.
الأزمه تتعمّق
ورغم أن الهدنه فی غزه بدت لکثیرین وکأنها بوابه لالتقاط الأنفاس بعد عامین من القصف المتواصل، إلا أن الواقع على الأرض، یشیر إلى مفارقه موجعه؛ فکلما خفت صوت المدافع، قلّ التضامن وتراجع الدعم، فی وقت تتصاعد فیه معاناه الناس وتتعمّق.
ومع انحسار صور الدخان والدمار عبر وسائل الإعلام، بقیت آلاف العائلات ترزح تحت عبء فقدان منازلها، وانقطاع مصادر رزقها، وتراکم الدیون ونفاد المدخرات.

أکثر من 250 ألف عامل فی غزه فقدوا مصدر رزقهم بشکل تام نتیجه العدوان (الجزیره) ویؤکد عاملون ومبادرون فی الإغاثه الانسانیه بغزه للجزیره نت، أن الدعم والإغاثه شهد تراجعا کبیرا فور توقف العدوان، باعتقاد خاطئ لدى بعض الداعمین بأن توقف القصف یعنی انتهاء الحاجه، لکن الواقع، بحسبهم، یؤکد أن الضرورات الأساسیه من الإیواء والغذاء والرعایه الصحیه والدعم النفسی بلغت ذروتها بعد توقف الحرب، ومحاوله العائلات انتشال نفسها من براثن النزوح.
ویُحذّر هؤلاء من أن ربط التبرعات بفتره الحرب یترک آلاف الأسر فی مواجهه فراغ خطر، مؤکدین أن مرحله ما بعد الحرب هی أکثر المراحل احتیاجا للدعم المنظّم والمستدام.

معاناه المواطنین فی الحصول على المساعدات فی ظل تراجع الدعم لغزه بعد الهدنه (الجزیره) وعن ذلک، یقول المدیر التنفیذی لمعهد الأمل للأیتام نضال جراده، للجزیره نت، إن حجم المسؤولیات بعد الحرب تضاعف بشکل غیر مسبوق، بفعل النزوح الواسع وفقدان المأوى ومصادر الدخل، وارتفاع أعداد الأیتام والأرامل بشکل مستمر.
ویضیف "التبرعات التی کانت تتدفق خلال الحرب تراجعت بوضوح مع الهدنه، رغم أن نهایه الحرب تُمثل بدایه المرحله الأصعب؛ إذ تتضح الاحتیاجات الأکثر عمقا".
ویشدد جراده على ضروره استمرار الدعم وتوجیهه عبر المؤسسات الرسمیه الموثوقه، لضمان وصوله إلى مستحقیه بشفافیه وعداله، مبینا أن معهد الأمل یعمل فی ظل ضغط هائل لتوفیر الرعایه الصحیه والنفسیه والتعلیمیه للأیتام، إضافه إلى دعم الأسر المنکوبه، مؤکدا أن استقرار التمویل شرط أساسی لاستمرار هذا الدور الإنسانی.
تبعات الحرب
وبحسب الأمم المتحده ، فقد نزح ما لا یقل عن 1.9 ملیون شخص، أی نحو 90% من سکان قطاع غزه خلال الحرب، بعضهم اضطر للنزوح عشر مرات أو أکثر ویعیشون فی خیام بالیه دون أدنى مقومات للحیاه. فی حین تشیر بیانات المکتب الإعلامی الحکومی إلى وجود أکثر من 56 ألف یتیم وما یزید عن 21 ألف أرمله جراء العدوان.
وتشیر بیانات المکتب الإعلامی الحکومی إلى وجود 56 ألفا و348 طفلا یتیما فقدوا أحد الوالدین أو کلیهما، إضافه إلى أکثر من 650 ألف طفل مهدّدین بسوء التغذیه، و40 ألف رضیع بلا حلیب أطفال. کما یوجد 21 ألفا و200 أرمله فقدن المعیل فی ظل انعدام السکن ونقص الطعام وغیاب الرعایه الصحیه نتیجه العدوان. وتواجه 107 آلاف سیده حامل ومرضع خطرا مباشرا على حیاتهن.
کما یسجَّل وجود 19 ألف مصاب بحاجه إلى تأهیل طویل الأمد، و4800 حاله بتر، وأکثر من 12 ألفا و500 مریض سرطان بلا علاج، إضافه إلى 350 ألف مریض مزمن بلا أدویه.
أما فیما یتعلق بالعمال وذوی الدخل الیومی، فهناک أکثر من 250 ألف عامل فقدوا مصدر رزقهم بشکل تام، مما یعنی ربع ملیون أسره بلا دخل، وبلا منزل فی کثیر من الحالات.
هذه الأرقام وحدها تکشف حجم الکارثه القادمه إن لم یستمر الدعم بکثافه. فغزه الیوم لیست بحاجه إلى "مساعدات طارئه" فحسب، بل إلى خطه شامله للدعم والإغاثه وإعاده البناء.
وفی السیاق یقول مدیر مؤسسه المستقبل للتنمیه والبیئه، علی الدیراوی، إن الهدنه لم تُعالج شیئا من تبعات الحرب، وأن آلاف الأسر لا تزال نازحه وبلا دخل، والأعمال الحرفیه متوقفه، والمدخرات تبخرت بفعل الغلاء وتراکم الدیون.

المعاناه فی غزه تتفاقم یوما بعد یوم والمواطنون بحاجه الى استمرار الدعم لتخطی الکارثه (الجزیره)
ویقول الدیراوی، للجزیره نت، إن "الحدیث عن تحسن الأوضاع، بناء على روایات إعلامیه إسرائیلیه عن دخول المساعدات، یعکس صوره مضلله للممولین فی الخارج، ما یدفع بعضهم للاعتقاد بأن دورهم انتهى".
ویضیف الدیراوی أیضا أن "الاعتماد على المبادرات الفردیه بدل المؤسسات الرسمیه أضعف الشفافیه فی توزیع المساعدات"، مؤکدا أن الناس بعد الحرب یعیشون مرحله جدیده من الألم تتطلب مضاعفه الدعم لا تقلیصه.
"الاحتیاج أکبر"
ورغم توقف القصف تصاعدت الأزمه، بل انکشفت بالکامل، والمعاناه لم تختف، بل تغیّر شکلها؛ من صدمه القصف إلى واقع النجاه، فلم تشهد مرحله ما بعد الحرب أی تعافٍ، ولا تزال تحتاج لدعم کبیر وإلى مؤسسات قادره على إداره هذا الدعم بمهنیه.
ویؤکد إبراهیم، المعروف بـ "زوما"، أحد المبادرین الشباب فی غزه، أن الهدنه لم تُغیر واقع الناس، بل کشفت حجم الفجوه. ویقول للجزیره نت، إن "التبرعات التی کانت تمکّنه من تجهیز طرود غذائیه وإقامه تکایا للنازحین، توقفت فور إعلان الهدنه، وکأن انتهاء القصف یعنی انتهاء الحاجه".
ویضیف "الیوم، الاحتیاج أکبر بکثیر. الناس بلا بیوت ولا دخل ولا قدره على توفیر أساسیات الحیاه، لکن الدعم تراجع کأن المعاناه توقفت مع صمت القصف".

المساعدات المسموح بها إلى القطاع شحیحه ولا تفی بالاحتیاج المطلوب (أسوشیتد برس) تراجع الاهتمام
وتوضح مسؤوله الإعلام فی مؤسسه "غزی دستک" الترکیه للإغاثه، إسراء الشریف، أن الهدنه وإن أوقفت القصف، لکنها لم تمنع الانهیار الإنسانی فی غزه، بل کشفت حجمه الحقیقی.
وتقول الشریف للجزیره نت، "رغم ما یراه العالم من هدوء نسبی، یعیش السکان واقعا أشد قسوه؛ اقتصاد مشلول، وآلاف العائلات بلا دخل أو مأوى، وخیام مهترئه لا تصمد أمام برد الشتاء".
وتشیر الشریف إلى أن الخدمات الأساسیه تکاد تکون معدومه؛ فلا مدارس، ولا بنیه تحتیه، ولا مستشفیات قادره على تقدیم الرعایه، فی حین یعانی الأطفال آثارا نفسیه عمیقه ویحتاجون تدخلا عاجلا.
وتُحذّر من تراجع الاهتمام العالمی بغزه بشکل لافت منذ بدء الهدنه، سواء بالتغطیه الإعلامیه أم تفاعل النشطاء، رغم أن الاحتیاج الحقیقی یبدأ بعد توقف الحرب.
وترى الشریف أن أخطر ما تواجهه المؤسسات الإنسانیه الیوم هو حملات التشویه التی تستهدف المتطوعین والداعمین وتتهمهم بالفساد، ما أدى إلى تراجع التبرعات وانکماش الثقه، وهو ما یفاقم معاناه العائلات التی تنتظر الغذاء والدواء والمأوى.
وتؤکد أن هذه الحملات لیست عفویه، "بل جزء من مسعى ممنهج لضرب ثقه العالم بأی جهه تقدّم المساعده لغزه، بهدف خنق آخر شریان دعم یصل للمدنیین". وتختتم "الهدنه لیست نهایه المأساه، بل بدایه مرحله أصعب، وإذا تراجع العالم الآن، فإنه لا یترک غزه بلا قصف فقط، بل یترکها بلا حیاه".
المصدر: الجزیره