وکاله آریا للأنباء - إیرانیات یسرن تحت المطر خلال موجه هطول قبل أیام فی العاصمه طهران (أسوشیتد برس)
طهران- رفعت السلطات الإیرانیه مستوى التأهب إلى الإنذار الأحمر فی 4 محافظات جنوبیه، هی فارس و بوشهر وکرمان وهرمزغان، تحسبا لموجه أمطار غزیره متوقعه ابتداء من الیوم الثلاثاء وحتى یوم الجمعه القادم، وسط تحذیرات رسمیه من تشکل سیول واضطرابات محتمله فی حرکه النقل والبنیه التحتیه.
وقالت إداره الأزمات والدفاع المدنی إن التحذیر الأحمر، وهو أعلى مستویات الإنذار الجوی، جاء استنادا إلى توقعات تشیر إلى تساقطات واسعه ومرکزه زمنیا، قد تؤدی إلى ارتفاع منسوب الأودیه والأنهار وحدوث فیضانات مفاجئه، لا سیما فی المناطق الجبلیه والمنخفضه.
غزاره الهطول
وفی السیاق ذاته، قال الأستاذ المشارک فی معهد أبحاث الأرصاد الجویه التابع لمرکز أبحاث الأرصاد وعلوم الغلاف الجوی فی إیران مجید آزادی -فی مداخله للجزیره نت- إن المنظومه الجویه المؤثره على جنوب البلاد تشهد تصاعدا قویا مصحوبا بحقن رطوبی کثیف.
وأوضح آزادی أن کمیات کبیره من الرطوبه ضُخت فی هذه المنظومه من بحر العرب والمحیط الهندی، إضافه إلى البحرین الأسود و الأحمر ، وهو ما یجعلها قادره على إنتاج أمطار غزیره على نطاق جغرافی واسع.
وأشار إلى أن نطاق التأثیر یشمل تقریبا کامل محافظه فارس، وأجزاء واسعه من هرمزغان وکرمان، قبل أن تمتد الحاله لاحقا باتجاه شمال شرق البلاد لتشمل خراسان الجنوبیه، ثم خراسان الرضویه.
وحول أسباب التحذیر من السیول، أوضح آزادی أن العامل الأساسی یتمثل فی غزاره التساقطات على مساحه واسعه خلال فتره زمنیه قصیره نسبیا، تتراوح بین 24 و48 ساعه، مضیفا أن محافظه فارس على وجه الخصوص قد تشهد کمیات کبیره من الأمطار خلال وقت محدود، مما یرفع احتمالات تشکل السیول.

جانب من العاصمه الإیرانیه طهران وسلسله جبال البُرز المغطاه بالثلوج بعد عام من الجفاف ونقص المیاه بإیران (الفرنسیه) معضله الجفاف
وفی ما یتعلق بتأثیر هذه الأمطار على أزمه الجفاف، شدد الخبیر الإیرانی على ضروره التمییز بین نقص الهطول المؤقت والجفاف الطویل الأمد، موضحا أن الأخیر هو نتیجه تراکم سنوات من قله الأمطار، ولا یمکن أن یزول بحاله مطریه واحده أو حتى بعده هطولات.
وأضاف أن هذه الأمطار قد تسهم فی تعویض جزء من نقص الهطول، لکنها لا تعید الوضع إلى المعدلات الطبیعیه، ولا تقضی على الجفاف القائم.
وبشأن العلاقه بین الجفاف والسیول، أوضح آزادی أن التربه الجافه قد تسهم أحیانا فی زیاده الجریان السطحی، لکنه أکد أن السبب الرئیس للفیضانات یبقى غزاره الأمطار وانتشارها الواسع خلال مده قصیره، فی حین تختلف حاله رطوبه التربه من منطقه إلى أخرى.
وبالنسبه للزراعه، بیّن أن الأمطار المرتقبه ستکون مفیده لها فی المحافظات الجنوبیه، وقد تسهم فی تغذیه المیاه الجوفیه وتحسین أوضاع التربه، لکنه حذّر فی المقابل من خسائر محتمله فی بعض المناطق نتیجه السیول.
وتتقاطع هذه التوقعات مع تحذیرات رسمیه من تعرض الطرق الریفیه والجسور وشبکات الصرف لضغوط کبیره، خاصه فی المحافظات التی تعانی من بنیه تحتیه محدوده لتصریف میاه الأمطار.
وأکد الخبیر آزادی أن احتمال تشکل السیول مرتفع فی بعض المناطق الحسّاسه، لکنه أشار إلى أن أجهزه إداره الأزمات والجهات المعنیه على درایه مسبقه بالحاله، وقد اتخذت إجراءات احترازیه، مما یقلل من عنصر المفاجأه، وبالتالی یحد من حجم الأضرار.
إجراءات مستبقه
وفی تأکید على هذا الاستعداد، نقلت وکاله الأنباء الإیرانیه الرسمیه (إرنا) عن جمعیه الهلال الأحمر الإیرانی إعلانها رفع مستوى الجاهزیه فی المحافظات الأربع المشموله بالإنذار الأحمر، تحسبا لأی طارئ قد ینجم عن الأمطار الغزیره والسیول المحتمله.
وأفادت الجمعیه بأن فرق الاستجابه السریعه والإغاثه والإنقاذ وُضعت فی حاله تأهب کامل، مع انتشار میدانی استباقی فی المناطق الأکثر عرضه للخطر، لا سیما الأودیه والأریاف والطرق الجبلیه.
وأضحت -حسب إرنا- أنه جرى تجهیز المعدات الثقیله، والزوارق، ووسائل الإغاثه والإیواء المؤقت، مع تفعیل قنوات التنسیق مع أجهزه إداره الأزمات والسلطات المحلیه، لضمان سرعه التدخل فی حال وقوع فیضانات أو انقطاع للطرق.
ودعت الجمعیه المواطنین للالتزام بتعلیمات السلامه وعدم الوجود فی مجاری السیول والمناطق الخطره، مؤکده أن الاستعداد المبکر یهدف بالدرجه الأولى لتقلیل الخسائر البشریه والمادیه.

نهر شبه جاف فی منطقه لافاسان شمال طهران حیث عانت إیران أزمه جفاف (الأوروبیه) دعوات للتأقلم
ویأتی هذا التحذیر بعد أن شهدت مناطق کثیره من إیران أشهرا من الجفاف الشدید خلال 2025، مما أدى إلى انخفاض مخزون السدود والموارد المائیه فی أجزاء کبیره من البلاد، وهو ما یجعل الأرض أقل قدره على امتصاص المیاه، مما یزید من خطوره الفیضانات عند هطول الأمطار الغزیره.
وتعید هذه التحذیرات إلى الأذهان موجات السیول التی شهدتها مناطق مختلفه من إیران فی سنوات سابقه، وأحدثت خسائر بشریه ومادیه کبیره، خاصه فی المحافظات الجنوبیه التی تتسم بتضاریس تزید من خطوره الفیضانات المفاجئه.
ویرى مراقبون أن تزاید الظواهر الجویه المتطرفه خلال الأعوام الأخیره یفرض تحدیات متنامیه على البنیه التحتیه وقدرات الاستجابه السریعه، فی ظل تحذیرات متکرره من تأثیرات التغیر المناخی فی المنطقه.
المصدر: الجزیره